حقيقية حركة طالبان
ما يجهله كثير من الناس عن ..... (( طالبان )) مهم جداً جداً.....
كيف ومتى خرجت طالبان ؟
من رَحِمِ المدارس الشرعية في قندهار، وبفتوى من علماء منطقة "مايوان" خرجت طالبان يوم الجمعة 15 محرم 1415ه الموافق 24-6-1994م إلى ساحة الصراع التغييري، وكانت نواتها بضعة عشر طالباً شرعياً يقودهم الملا محمد عمر، ثم التحق بهم كثير من الطلاب الذين تخرجوا من الجامعة الحقانية في بيشاور الباكستانية. وفي جمع غفير ضم 1500 من علماء أفغانستان تم اختيار زعيم حركة الطالبان ومؤسسها الملا (( محمد عمر )) أميراً للمؤمنين، وشرعت حركة طالبان تفتتح الولايات الأفغانية الواحدة تلو الأخرى مبتدئة بولاية روزجان بجيش قوامه 313 رجلاً، اتسع فيما بعد شيئاً فشيئاً، ولا زالت على ذلك حتى استولت على معظم الولايات، فانهزمت أمامها كافة الفصائل والأحزاب التي كانت قد تصارعت فيما بينها منذ اندحار الروس عام 1989م وهزيمتهم .
نفوذها :
وقد أتمت حركة الطالبان ليومنا هذا الاستيلاء على حوالي 95% من مجمل الأراضي الأفغانية، ولا تزال المعارضة تسيطر على أجزاء من المنطقة الشمالية تشكل مساحتها حوالي 5% من أفغانستان .
كيف أسست طالبان دولتها ؟
برحمة الله الواسعة، لم يكن ليمكِّن الأعداء من قطف ثمرة الجهاد بعد كل هذه التضحيات، وبعد كل الآمال التي عُلِّقت بهذه القضية، وما كان الله ليضيع تلك الجهود من الدماء والأموال وأنواع البذل وصور العطاء، فقيض الله ـ تعالى ـ بعض طلبة العلم من المجاهدين الذين اعتزلوا الفتنة وتجنبوا الصراع بين القادة، وآلمهم ما يجري على أرضهم، فتحركوا بهدف كف المعتدين وبسط الأمن، ونشر الشريعة، فرفعوا لواءاً يتكون من ثلاثة محاور:
1- توفير الأمن والقضاء على الفساد والمفسدين .
2- توحيد البلاد تحت قيادة واحدة .
3- تحكيم الشريعة كاملة في جميع أنحاء البلاد .
ما هو وضع البلاد قبل طالبان ؟
جاءت الطالبان وأمامها مجموعة من التحديات؛ من أبرزها:
1- \ انعدام الأمن وعموم الفوضى في البلاد.
2- \ وجود قوى كثيرة متنازعة.
3- \ البنية التحتية مدمرة.
4- \ انتشار الجهل والفقر والمرض في صفوف الشعب.
5- \ تعطيل الشريعة مع كثرة الفرق والطوائف والمذاهب الفكرية المنحرفة.
ماذا فعلت طالبان ؟
لقد بدأ الطالبان في مواجهة كل هذه التحديات بجدية وقوة :
فبالنسبة للأمـن فكـل مـن زار أفغانستان لا يمكن إلا أن يسلم لهم بذلك، فقد استتب الأمن وعم الهدوء المناطق التي يسيطر عليها طالبان، وأصبح الناس ينتقلون في قضاء حوائجهم بكل راحة واطمئنان، مما لم تشهد أفغانستان مثله منذ عقود طويلة، وهذا ما شهد به العدو قبل الصديق.
واستطاعت الطالبان القضاء على غالبية القوى الموجودة ولم تبق إلا المعارضة الشمالية المحاصرة في مناطق محدودة، والطالبان جادة في معالجتها وتطهير جيوب المقاومة من تلك المناطق، مع أن المعارضة مدعومة من الخارج.
وقد أعلنت الطالبان تحكيم الشريعة في جميع شؤون الحياة، وأصدروا مجموعة من القرارات الشجاعة في قضية المرأة وحمايتها من الانحراف؛ فقد قال الملا عمر:
(( نحن لسنا ضد تعليم المرأة، لكننا نريد أن نضبط تعليمها بالضوابط الشرعية )) ، وأصدر أهم قرار في تاريخ أفغانستان يُرجِع للمرأة كرامتها وحقوقها ويمنع ما كان سائداً من عادات مخالفة للشرع تقضي بأن المرأة إذا مات زوجها يرثها ذووه ويتزوجها أحدهم ولو كانت كارهة.
وأصدر قرارات متتابعة بمنع زراعة المخدرات وإنتاجها واستعمالها في أفغانستان، التي ظلت عبر التاريخ في مقدمة البلاد المصدرة لهذه المادة الخبيثة.
ولم يكتف الطالبان بالأقوال والقرارات؛ بل حوَّلوا ذلك إلى واقع يعيشه الناس، فأقاموا الشرع بينهم، وحاربوا الشرك، ومنعوا الطواف بالقبور أو تقديم القرابين لها، ووضعوا عليها سياجاً بمنع الدخول إليها، ومنعوا بعض البدع، وحاربوا بعض صور الشعوذة، وخصصوا وزارة كاملة للحسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وطهروا أجهزة الدولة من الشيوعيين، وقضوا على أوكار الفساد ودور السينما، وبيوت الدعارة وحانات الخمور، ووضعوا برنامجاً لإصلاح التعليم وأسلمة المناهج. ويقومون الآن بمحاولة ترميم البنية التحتية وإصلاحها، وتشييد الجسور وبناء السدود، وتعبيد الطرق المهمة، ورفع مستوى الخدمات الصحية، وتحسين الوضع الاقتصادي، ورفع المستوى المعيشي للفرد، كل ذلك من منطلق شرعي، بحسب ما تمليه عليهم الشريعة التي تعاهدوا على تحكيمها.
ماذا فعل أعداء الله بعد ذلك ؟
أخرج الله لأفغانستان هؤلاء الطلبة الذين لم يكن أحد يحسب لهم أي حساب، فقالوا للجميع: أتيناكم بكتاب الله، وجئناكم بسنة رسول الله ؛ فأقلِعوا عما أنتم عليه من الفساد والإفساد، فما أن تفوَّهوا بهذا الكلام، واستعلنوا به بين الزحام، حتى فض الله تعالى الناس عن أولئك الأحزاب وجمع قلوبهم على هؤلاء الطلبة الكرام فاتبعوهم من كل الأصقاع، وبادروهم بالطاعة والاحترام، فخضعت لهم في أفغانستان الأرض، فأمن الناس على النفس والمال والعرض.
فما أن حصل ذلك حتى هاج أعداء الله تعالى في كل قطر وبلد وماجوا، فأخرجوا أضغانهم، وسددوا سهامهم، لعلهم يصيبون الطالبان في مقتل، أو يقزمونهم على الأقل، فابتدؤوهم بتوجيه التهم الآتية:
1- الخروج بأفغانستان من نور الحضارة الباهر إلى ظلام الشريعة الغامر بزعمهم .
2- منع المرأة من التعلم والتعليم وإغلاق أبواب البيوت عليها للحيلولة دون خروجها إلى المدارس والجامعات.
3- منع المرأة من العمل أو ممارسة المهن.
4- فرض الحجاب على المرأة.
5- منع تعاطي الخمور في كل أفغانستان.
6- منع الموسيقى والغناء على المسارح أو الأفناء.
7- إيواء الإرهابيين وتدريب جموع المجاهدين.
8- استزراع المخدرات ثم تصديرها لمختلف الجهات.
9- عدم الخضوع للقوانين الأممية والأعراف الدولية.
10- الوقوف مع القضايا الإسلامية وخاصة انتفاضة الأقصى الفلسطينية.
وهذه التهم، كما تلاحظ أخي القارئ قد خلطوا فيها الحق بالباطل، وتلاعبوا فيها بالألفاظ بين مُحْجم وصائل؛ فمعظم التهم المذكورة ليس لأي منها أساس من الصحة، بل هي كذب محض وافتراء رخيص، وكثير منها إنما هو إكليل غار على جبين الطالبان يشع بالأنوار!!
ما هي الجهات التي وقفت وراء تلك التهم فهي ؟
الجهات التي وقفت وراء تلك التهم هي :
الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وروسيا الاتحادية والجمهوريات الإسلامية التي استقلت بعد انهيار الاتحاد السوفييتي والهند والكيان اليهودي في فلسطين ومعظم دول المنظومة الإسلامية والأمم المتحدة والعلمانيون في جميع البلدان ، وذلك من خلال الصحافة والمجلات والكتاب والإذاعة والتلفزيون والإنترنت والفضائيات وغيرها من وسائل الإعلام والتأثير.
وخلاصة القول أن أهداف التهم الموجهة للطالبان هي:
1- الحيلولة دون قيام دولة إسلامية في أفغانستان تحتكم إلى الكتاب والسنة.
2- ادعاء مسوِّغات لإبقاء الحصار على أفغانستان
3- إشغال الطالبان عن خوض معركة البناء بإبقاء حالة الصراع مستمرة مع أحمد شاه مسعود ودوستم ومن في فلكهما.
4- بذل الجهد الدولي والعالمي لإسقاط الطالبان.
5- إرجاع الحكم في أفغانستان إلى مظلة العلمانية.
6- استخدام أفغانستان بعد ذلك رأس جسر لتحقيق المصالح الأمريكية والغربية في منطقة آسيا الوسطى.
لماذا يخافون من طالبان ؟
إن القوى الدولية المعادية للإسلام والمسلمين قد بذلت الغالي والنفيس للحيلولة دون قيام دولة إسلامية حقة تحتكم شمولياً إلى الدين القويم، غير أن طالبان قد صمدت لتلك الجهود، وأسست دولتها على الكتاب والسنة مجتهدة في تحقيق ذلك ما وسعها الاجتهاد، ومن أبرز ما يذكر لها بهذا الصدد:
1- إحياء مؤسسة الشورى بدل الديمقراطية.
2- إرساء التعامل الداخلي والخارجي على قاعدة الولاء والبراء.
3- إبطال المحاكم المدنية وإحلال المحاكم الشرعية بدلاً منها.
4- إقامة الحدود الشرعية.
5- فرض الحجاب ومنع الاختلاط.
6- إبطال البنوك والتعاملات الربوية بكافة صورها، وافتتاح البنوك الإسلامية.
7- منح المرأة حقوقها الشرعية في كافة المرافق التعليمية والصحية والمالية وغيرها على وفق ما أقره الإسلام لها وشرعه.
8- السعي لتأمين فرص العمل والقضاء على البطالة ( وقد قطعت الإمارة الإسلامية الأفغانية شوطاً واسعاً في هذا المجال ) .
9- فرض الأمن واحترام هيبة الدولة.
10- الاستمرار في مقاتلة البغاة والمرتدين دون هوادة.
11- تقديم الخدمات الضرورية والحاجية بل وأحياناً التحسينية لكافة الولايات الأفغانية.
12- إيجاد مجتمع إسلامي نظيف من الموبقات، تتقاصر فيه المعاصي والسيئات، وتتعاظم فيه المحاسن والصالحات.
وقد تم بعض ذلك من خلال القضاء على الخمور والخمارات، ومنع زراعة الخشخاش وأنواع المخدرات، ومنع ألوان الفنون التي يؤديها الخاسرون والخاسرات، سواء منها ما كان بآلات الطرب أو مختلف الأدوات، فانحسر سوق المغنيين والمغنيات والراقصين والراقصات، ومن سار على دربهم أو سلك طريقهم من المفسدين والمفسدات، فما أجمل أن تتجول في مدن الأفغان وقد خلت من ألوان المعاصي، فلا ترى امرأة إلا وقد تحجبت، ولا رجلاً إلا وقد أرخى لحيته! وتلمح في أعين الناس قرار الطمأنينة، وفي وجوههم انبساطة الأمن والأمان، فتفرغوا إلى أعمالهم ونهضوا بشؤونهم، بعد أن كانوا أعداء متخاصمين، وألدَّاء متناكرين.
وصدق فيهم قول الله تعالى : وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم {الأنفال: 63}. فعمرت المساجد بالمصلين رغم انكفاء بنيانها بقذائف المتربصين، وافتتحت الأسواق واكتظت الشوارع بالساعين على أعمالهم وبأصناف السيارات ووسائط النقل وخاصة "التاكسيات"، ونشطت حركة التبادل التجاري بين كافة المدن الأفغانية عبر الشاحنات، رغم ما حل في الطرق التي كانت معبدة من تدمير وإتلاف بواسطة قذائف وصواريخ الروس ودباباتهم ومدرعاتهم المجنزرة .
فلهذه الأسباب التي ذكرتها ولغيرها التف الشعب الأفغاني بكافة قبائله وأعراقه حول الطالبان سامعين طائعين. واللافت للنظر أن هذا الالتفاف قد أدى إلى تقليص شديد في دوريات الأمن، حيث يمتثل كافة الناس إلى أوامر أمير المؤمنين حباً وهيبة، وإذا كان منع التجول في أية دولة لا يتم إلا من خلال بث الدبابات والمدرعات وكافة ألوية الجيش والشرطة للسيطرة على الشوارع العامة والحارات فإن شيئاً من ذلك لا وجود له في أفغانستان؛ حيث إن الشعب يمتثل أمر أمير المؤمنين بالامتناع من التجول ابتداء من العاشرة مساءً إلى الخامسة صباحاً دون حاجة حتى إلى وضع دورية واحدة في شارع رئيسي، فضلاً عن أي حارة داخلية، حتى المنافقين كف الله أيديهم بالهيبة الإسلامية والخوف من العقوبة الشرعية.
وحقاً؛ إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفي الختام أنقل لكم ما قاله مفتي مصر , د. نصر فريد واصل (( عن طالبان )):
عندما ذهبنا إلى هناك اكتشفنا أن الواقع في أفغانستان مخالف تماما لما رسمه وأذاعه الإعلام الغربي عن طالبان وإجراءات القمع وحبس المرأة وزراعة المخدرات .
نحن جميعا كوفد كانت الصورة التي انطبعت في أذهاننا عنهم أنهم رفعوا شعار الإسلام حلاً ثم يزرعون المخدرات للإنفاق على حركتهم , وأذاع الإعلام الغربي أنهم حبسوا المرأة وقيدوها ومنعوها من التعلم وقيادة السيارات وغير ذلك وأنهم ... وأنهم ...
وهناك اتضحت الحقيقة الغائبة ... إنهم لا يزرعون المخدرات نهائياً بل كوّنوا فرقاً لمكافحة زراعة المخدرات وأحرقوا مزارعها تماماً , وتحدوا أن توجد شجيرة واحدة من المخدرات في إماراتهم !!!
أما المرأة فقد رأيناها في الشارع على طول الطريق , وقالوا : إن ما أذيع خطأ , والصحيح أننا بسبب نقص المدارس والأماكن بها لسوء الحالة التعليمية عندنا فقد قدرنا الظروف , وهو أن الولد وخاصة الأكبر سيكون العائل الأساسي والمهم لأسرته ؛ ولذا فقد فضلنا أن يقوم الأخ الأكبر على إخوانه ولو كانوا ذكوراً لنجد له مكاناً في المدرسة فهم الأوْلى .
إذاً المسألة ليست بنتاً وولداً ولا رجلاً ولا امرأة وإنما الظروف هي التي تحكم عملنا ووضعنا وعندما تتحسن الحالة التعليمية سوف يكون لكل بنت مكان مثل الولد .
الحقيقة أن دهشتنا كانت كبيرة لهذا الواقع الذي زيفه إعلام الغرب , وأنا أعترف أنني شخصياً كنت مصدقاً لكل ما أذيع عنهم , ولكن بعد الزيارة اقتنع الوفد كله بلا استثناء بظلم الإعلام الغربي وتضليله للعالم فيما يخص واقع أفغانستان وطالبان .
بصراحة أيضاً أنا أعتبر هذه الزيارة كلها إيجابيات ؛ لأننا عرفنا عن كثب كذب المزاعم الغربية .
أقول : آن الأوان لأن تبادر الدول الإسلامية وتعترف بحكومة طالبان .. وهذا رأي وفد منظمة المؤتمر الإسلامي ورأيي شخصياً .. أقول آن الأوان لأن ندرك أن كثيراً من الدوائر السياسية العالمية تريد هذا الوضع المؤلم والمؤسف , وهي تعمل على تكريس الفرقة بين الأخوة في الدين , لذا أنا أدعو العالم العربي والإسلامي لإعادة النظر في موقفه من حكومة طالبان .